أتيحت لي في الآونة الأخيرة لحظة من التأمل بسبب وفاة شخص أحدث فرقًا في مسار حياتي. كنت أعيش منذ سنوات في منزل عمر حمّي آية عمرار في قرية أمسوزرت في جبال الأطلس الكبير في المغرب. قد تكون مشاركة القصص عن هذين العامين (1993-1995) خلال فترة سكني في منزل عمر وما تلاها ، قصص الحياة تلك، ذات مغزى للآخرين. في أوائل التسعينيات كان الوصول إلى هذه القرية البعيدة جدًا التي تقع بين اقاليم ورزازات وتارودانت والحوز أمرًا صعبًا. من بين الوديان الخمسة المحيطة بجبل توبقال ، أعلى قمة في شمال أفريقيا ، يوجد واحد فقط على جانبه الجنوبي: وادي تفنوت. وما يميز هذه الحقيقة هو أن حوالي نصف منتزه توبقال الوطني يشكل المراعي الصيفية لقطعان سكان تفنوت. ومع ذلك ، حتى ذلك الوقت لم يكن هناك اتصال كافٍ بين إدارة المنتزه وبلدية تفنوت المكونةّ من 44 قرية (حوالي 12000 شخص) لأنه بعيد جدًا حيث يستغرق الوصول إليه 24 ساعة بسبب الإضطرار للدوران حول جبال الأطلس من أجل الوصول ، مع آخر مسار منها بطول 70 كيلومترًا غير معبّد. وعندما تم تكليفنا بصفتنا متطوعين في هيئة السلام بمتنزه توبقال ، كان بإمكاننا اختيار العيش في أي مكان بين وديان القرى ، لذلك عندما سمعت أنه لم يذهب أحد إلى تفنوت ، قلت: "حسنًا ، سأفعل، سأذهب إلى هناك". سافرت على مراحل ، واستغرق الأمر مني ثلاثة أيام للوصول إلى هناك، وكان ذلك خلال شتاء عام 1993. وعندما كان أشخاص يصلون إلى تفنوت، كان دائما ً يتم إرسالهم إلى الشيخ عمر حمّي. لم يكن أحد يعرف أنني قادم وكنت أخطط للبقاء هناك لمدة عامين. أتذكر أن أول وجبة أكلتها كانت عجّة ، وبعدها شعرت بالتعب والمرض من الرحلة الطويلة الباردة. كنت مريضا لمدة أسبوعين ولم أتمكن من مغادرة غرفتي وأصبت بالهلوسة المرعبة التي لم تنتابني أبدا ً قبل ذلك في حياتي. قررت في وقت مبكر أن أشاهد الأشكال المهددة في ذهني مثل المتفرج على شريط سينمائي، وانتهى بي المطاف إلى فقدانهم بمجرد رحيلهم. وفي الليل كنت أشعر بيد عمر حمّي على رأسي لأنه كان قلقاً للغاية. كان يتأكد من أنني تناولت حساءاً ساخناً وأيضًا فيتامين"ج"( C) اليوسفي (فاكهة المندرين) الذي كان لحسن الحظ في موسمه في المغرب. بعد بضعة أيام جاء الشيخ المحلي لزيارتي وحشدت ما يكفي من الطاقة للجلوس. عرضت جواز سفري وسألت عما إذا كان الناس سيكونون سعداء إذا عاش أمريكي بينهم لمدة عامين ، فأجاب:" نعم". هذا كان كلّ شئ. لكن الأمر أصبح أكثر تعقيدًا لأن القائد لم يشعر بنفس الشعور. في ذلك الوقت ، كان تمكين المجتمع والتنمية التشاركية كلمات لم يسمع بها أحد من قبل ولم تكن أفكار التغيير المنظم هذه موثوقة بشكل خاص - والإعتقاد بأن تنفيذها أصبح الآن مفوضًا في المغرب. القائد لم يكن يريد أن يعيش غريب غير متوقع في تفنوت، ولكن هذا الشخص كان مريضًا وملتزما ً بالفراش (أو بالأحرى الأرضية المغطاة) وكان يمثل معضلة لعمر. وبما أنني كنت لا أزال واهن القوى ، أقنعني عمر بالذهاب إلى مستشفى في تارودانت. لم أكن أتحسن ، ولم أكن أمشي على رجلي حقا،ً ولم يكن لدي طاقة. لقد وافقت على مضض. ولكن عندما وصلت إلى نقطة العبور، رأيت أن كلّ أمتعتي كانت معبأة في الخلف. كنت أعلم أنه إذا دخلت سيكون من الصعب علي العودة. لذا رفضت. استدرت وعدت إلى منزل عمر. وعندما مررت عنه في طريقي إلى غرفتي ، كان وجهه متحجّرا ً لأنه كان يعلم أن طريقته للخروج من الوضع المتضارب لم تكن ناجحة. لكنه قبلني. كانت تلك بدايتنا. بعد ذلك بقليل قمنا بعمل ترتيب حيث كان السكن مع تناول الإفطار والعشاء معه. وبهذه الطريقة كان له التأثير الأكبر على حياتي الشخصية خلال تلك السنوات لأنه وافق على القيام بذلك على الرغم من أنه في بعض الأحيان كان يشعر أنه لا يجب عليه فعل ذلك. أتذكر قصة أخرى تدل إلى حد ما على الأوقات التي عشناها قبل ثلاثين عامًا تقريبًا، حدثت مساءً عند العشاء. كنت دائما ً أنا وهو معا ً وكان هو في السبعينات من عمره في ذلك الوقت. كان جدًا وأصبح لاحقًا الجدً الأكبروعاش حتّى سن 103. في إحدى الليالي كان عمر وأنا نتحدث عن سكان تفنوت وانتهى بنا الأمر بالحديث عن الشيخ الحاج لحسن آية عثمان، رجل معقد ومستغرق دائما ً في التفكير تعرّفت عليه فيما بعد. سألت عمر إذا كان صديقاً للشيخ ، فقال لي: "قبل أن يصبح شيخاً ، كنا صديقين حميمين !" وضحك، مما جعلني أضحك. ضحكنا بشدة لدرجة أننا بكينا. |